Quantcast
Channel: صحيفة الخليج
Viewing all articles
Browse latest Browse all 134312

الخيال المجنح يحلّق بالأطفال في «المسرح المدرسي»

$
0
0
الشارقة: محمدو لحبيب

في إطار فعاليات اليوم الثاني من مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي في دورته الثامنة، احتضن معهد الشارقة للفنون المسرحية صباح أمس ثلاثة عروض لفرق من مرحلة التعليم الأساسي، هي «أنا والصياد» لفرقة مدرسة الأرقم من مدينة الشارقة، و«الملك الذي فقد أحلامه» لفرقة مدرسة الثميد من المنطقة الوسطى، و«فرح والحجر الأزرق» لفرقة مدرسة النحوة من المنطقة الشرقية لإمارة الشارقة، وحضر العروض أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة، وأعضاء لجنة تحكيم المهرجان: المخرج الإماراتي محمد العامري، والكاتب والممثل الإماراتي عبد الله مسعود، والأكاديمية التونسية خليدة الشيباني، وجمهور كبير من الأطفال.
وزخرت العروض بتلك اللغة الطفولية البريئة، والغرائبية السحرية التي تختلط بالواقع، وتُعْلي في حكاياتها من شأن القيم النبيلة والأخلاق الكريمة، مجسدة ذلك عن طريق خيال مجنح.
واستطاعت العروض أن تذهب بالأطفال إلى حدود المتعة والتفاعل الكامل معها، لما تضمنته من أجواء حماسية ورقصات واستعراضات وأغان هادفة تدخل في إطار قصة كل عرض.
في عرض «أنا والصياد» والذي ألفته وأخرجته جميلة عبد العزيز الرويحي، استطاعت المخرجة أن تقدّم حكاية تستعيد إلى حد كبير معظم تفاصيل جانب من الحياة التقليدية في الإمارات، يتعلق بحياة الصيادين، ورحلتهم اليومية طلباً لرزقهم مما يوجد في أعماق البحر من أسماك وحيتان، واستخدمت المخرجة في بداية العرض إيقاعات موسيقية تنتمي للألحان التي كان يعزفها البحارة والصيادون قديماً في رحلة صيدهم، في محاولة منها لتأكيد الحضور التراثي في العرض، ثم بعد ذلك أتت المخرجة بمشاهد استعراضية تتغنى بعلاقة الصياد بالبحر، وتبرز فيها جملاً من قبيل: كنا قديماً نكد ونكد ونتعب حتى يأتينا رزق الله، ثم تتحوّل المشاهد بعد ذلك لتبرز أزمة الصيادين التقليديين حين لا يتوفر السمك، ولا يستطيعون الحصول على أي شيء أثناء رحلة بحثهم عن السمك في البحر، ويقولون في حيرة: لا يوجد سمك، ماذا نفعل؟.
تظهر شخصية الطفل الذي يلعب بجهاز الآيباد الحديث، والذي يحرّك من خلاله «الربوب» وهو دمية إلكترونية، ويحاول ذلك الطفل أن يقنع الصيادين بأن له طريقة خاصة في استجلاب السمك، وفي تيسير الصيد، بحيث يُنْجز في ثلاث دقائق فقط، ينبهر الصيادون بكلامه، ويطلبون منه أن يريهم قدرته العجيبة تلك، وتحاول المخرجة من خلال ذلك إبراز فكرة الصراع بين الوسائل التكنولوجية والوسائل التقليدية في عصرنا، ولا تنجح الآلة الحديثة «الربوب» في البداية في جلب السمك، ويتبين أن برمجة الولد لها كانت خاطئة، وينصرف الصيادون عنه، لكنه يعود لإقناعهم بالمحاولة مرة أخرى بعد أن أصلح الخلل الإلكتروني في آلته، وفعلاً تنجح الآلة في إحضار السمك الكثير، ووسط أغان استعراضية تمجد علاقة الصياد بالبحر، يُختتم العرض بعد أن نال تصفيقاً وهتافاً كبيرين من قبل الجمهور.
العرض الثاني «الملك الذي فقد أحلامه»، وهو معالجة مسرحية لقصة تحمل نفس العنوان للكاتبة الإماراتية الدكتورة نسيبة حسين العزيبي، ومن إخراج موزة خلفان الحافري، ويطرح إشكالية لا تتعلق بالأطفال فقط بل بكل الفئات، وهي: ماذا لو فقد المرء أحلامه، أو قدرته على الحلم؟ وتعالج المخرجة تلك الإشكالية بطريقة بسيطة حاولت فيها ترسيخ قيمة العمل في حياة الإنسان حاكماً كان أو محكوماً.
ويقدم العرض قيمه تلك من خلال حكاية الملك الذي يظهر في بداية العرض، وهو يحاول النوم في مخدعه الفخم، ويحاول استجداء الأحلام لتزوره في منامه، لكنه لا ينجح في ذلك، وينهض فزعاً، غاضباً، وينادي على وزيره بأن يبحث له عن حل للمشكلة، وفي مشهد آخر على النقيض من مشهد الملك الذي لم يعد ينعم بالأحلام، تعرض المخرجة حواراً بين بستاني في قصر الملك، وجندي من جنوده، ويبدو البستاني سعيداً في عمله ويغني، وحين يسأله الجندي عن سر سعادته يخبره بأنه حلم بأنه سيمتلك بستاناً كبيراً، ويرد عليه الجندي بأنه يحلم بأن يصبح قائداً لجيوش المملكة، وفي مشهد يلي ذلك ويتداخل معه، يظهر طباخ الملك ومعاونوه، وهو يقص عليهم بأنه يحلم بأن يصبح ملكاً تُقدم إليه كل أنواع المأكولات اللذيذة والمختلفة.
وأمام استمرار عدم قدرة الملك على الحلم، يُصْدر عبر وزيره قراراً بتحريم التحدث عن الأحلام على عموم الشعب، وأن من يفعل ذلك سيلقى عقاباً شديداً، ويلجأ الشعب إلى كتابة أحلامهم، ثم حرقها بعد ذلك، وتنتشر رائحة الحرائق، ويكاد الملك يختنق في قصره، ويدخل عليه ابنه ليسأله عما به، وحين يعرف الابن مأساة والده، يقول له: لديك كل شيء، ولذلك لم يعد لديك ما تحلم بتحقيقه، من يريد أن يحلم، عليه أن يسعى لعمل أشياء معينة، بعد ذلك يظهر الملك في مشهد آخر وهو يساعد البستاني والطباخ في إنجاز عملهما، ويعود في مشهد ختامي لمخدعه متعباً، وسعيداً بالعمل، ويحلم عندئذ بالفراشات وزقزقة الطيور الجميلة.
تميز العرض باستخدام متناسق لقطع الديكور والأكسسوارات، وتوظيف جيد للموسيقى والاستعراضات التي تخدم القصة، ونجحت الإضاءة إلى حد كبير كذلك في تأدية وظيفتها ضمن أدوات العرض.
العرض الأخير «فرح والحجر الأزرق»، هو معالجة مسرحية من إخراج فاطمة طاهر مرتضى علي، لحكاية من حكايات الجدات، حيث تظهر الطفلة فرح في البداية وهي حزينة لحال القرية التي كما تقول جف فيها الزرع، وعطش فيها الناس، وفي حوار متخيل مع صورة جدتها التي كُتِبتْ عليها حكمة تقول: افعل خيراً تلقَ خيراً، تتبنى فرح تلك الحكمة، وتبدأ في تذكر قصة روتها لها جدتها ذات يوم، عن حجر أزرق سحري، يستطيع أن يعيد للقرية السعادة والرخاء، لكن ذلك الحجر موجود في مكان قصي وصعب من الجبل المرتفع، ولا يمكن أن يناله إلا من يحظى بقلب نقي يحب الخير.
وتسعى المخرجة، كما هو واضح من القصة، إلى ترسيخ قيمة العمل الإيجابي لخدمة الناس، وفعل الخير، والسعي في ذلك مهما كانت الصعوبات التي يمكن أن تواجه الشخص.
تقرر فرح أن تبدأ رحلتها نحو الجبل وتتسلقه للوصول للحجر الأزرق، وتجهز عدتها من طعام قليل، وحبل، ومعطف دافئ ليقيها برد المنطقة الجبلية، وتسير في طريقها لتصادف طفلة تائهة تبكي بحرقة، وترتعش من البرد، فتدلها على الطريق، وتخلع معطفها لتلبسها إياه، وتمضي مواصلة طريقها نحو الجبل، وفي مشهد ثان تصادف مجموعة انقطع بها جسر مصنوع من الحبال، ويحتاجون لحبل كي يصلوا به ما انقطع وإلا فسيسقطون، فتساعدهم فرح وتعطيهم الحبل الوحيد الذي كان لديها، وحين تصل بمحاذاة الجبل تحس بالجوع، فتخرج طعامها القليل لتأكله، وقبل أن تفعل ذلك تفاجئها عجوز مسكينة لا تكاد تنهض بسبب الإعياء والجوع، وتطلب منها طعاماً، فتعطيها كل ما عندها، وبعد ذلك تكتشف فرح أنها أعطت كل تجهيزاتها من ملبس وحبل وطعام، وتقف حائرة كيف ستصعد الجبل لتصل إلى الحجر السحري، وفي أجواء غرائبية محببة لدى الأطفال، تظهر جنيات الجبل، اللاتي يساعدن فرح، ويجلبن لها الحجر الأزرق.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 134312

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>