التوأمان الكوريان

يندرج صراع الكوريتين الشمالية والجنوبية في خانة تسمى التوائم الأعداء، وقد حدث هذا مراراً في التاريخ، وبالأمس غير البعيد هدم السور الذي كان يفصل بين ألمانيتين، وإن كان السور السياسي الفاصل بين أمريكا وجارتها اللاتينية قد تصدع لكنه لم يهدم بعد لأسباب أيديولوجية بالدرجة الأولى، وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول الكوريتان فيها الالتئام منذ الحرب بينهما عام 1953، فقد حاولتا ذلك مرتين خلال العقد الماضي من هذا القرن، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى ما كانت عليه وربما أشد سوءاً وتعقيداً، لكن المفاجئ على صعيد كوني في القمة الأخيرة والحدودية بين كوريا الشمالية وتوأمها اللدود هو أنها جاءت بعد تصعيد وتوتير بلغا حد التهديد باندلاع حرب عالمية ثالثة، فهل سيدوم هذا الوصال أم سيكون بعد حين انفصالاً ثالثاً على طريقة ما نسميه نحن العرب ثالثة الأثافي؟
ربما أدرك الطرفان أو التوأمان الآسيويان أن مصلحة كل منهما تتطلب إعادة نظر في خطاب مشحون وذي نبرة نووية، وبقدر ما لقيت هذه القمة من اهتمام عالمي ثمة من يتحفظون عليها ولا يتفاءلون كثيراً بديمومة الوفاق، لكن غداً لناظره قريب، وما يدار وراء الكواليس لابد له أن يرشح ولو بعد حين.
وهناك من المراقبين من يتساءلون حول إمكانية نقل العدوى الكورية إلى أزمات وبؤر توتر في العديد من المناطق في كوكبنا، ومنهم من يراهن على أن العالم قد يعود إلى رشده السياسي بعد أن أوشك على الانفجار، لكن الأمور لا تجري وفقاً للنوايا، وقد تهب أعاصير تقلب المعادلة، لأن فقه السلام والتعايش لم يتفوق بعد على ثقافة الصراع والحروب.
وقد يجرنا الخيال السياسي إلى ما هو أبعد من الكوريتين، فهناك فصائل فلسطينية وطوائف في العالم العربي لم تخض حرباً كالحرب الكورية لكنها تواصل تعميق الهوة بينها.
وقد يتحدث المؤرخون في المستقبل عن هذا الإنجاز الكوري مقارنة بفصائل فلسطين متناحرة؛ بل منتحرة بيدها لابيد عمرو أو غيره تحت الاحتلال!