من سيكتب له عمر، فسيشهد فضائح كبيرة جداً، أكبر من أي وقت مضى، ستنتج بلا شك عن حجم التقنيات ووسائل التواصل التي يستخدمها العامة الآن بلا رقيب أو حسيب.
العالم كله قد يصبح بعد فترة ليست بالبعيدة، «ويكيليكس»، نسبة إلى التقارير الخاصة والسرية التي كشف عنها قبل سنوات، وتناولت مختلف مناحي الحياة لكثير من الدول والشخصيات في العالم.
هذا الكلام مرده، حجم إقبال العامة صغيرهم وكبيرهم، على وسائل التواصل والمحادثات المتوافرة الآن، وبشكل شبه مجاني، إلى درجة أننا أصبحنا لا نستطيع الانقطاع عنها ولو لدقائق.
من منا لا يعدّ عضواً في مجموعة أو مجموعات، ضمن برنامج ما يُعرف ب «التراسل الفوري» على خدمة «واتس أب».
هل بقيت أسرة أو «ثلة» لم تنشئ لنفسها «جروب» تتبادل فيه الحديث، والنكات، أو المناقشات الساخنة، وأحياناً، ما يخرج عن نطاق الأدب والحياء.
حتى الآن لا يسع «الجروب» إلا 256 شخصاً، بعد أن رفعت الشركة المزودة للخدمة الحد الأقصى من 100 إلى 256.
هذا الرقم يمكن لأي شخص أن يفعله في هاتفه، ويضم كل هذا العدد من أي مكان ومن أي دولة، ويبدأ بحديث واحد، ومناقشات يشترك فيها الجميع ضمن نطاق «تراسل فوري» لا يمكن لأحد السيطرة عليه وعلى ما يدور فيه، إلا إذا استبعد مدير «الجروب» غير المرغوب فيهم.
وضمن صلاحيات الأخير، الذي بات يرى نفسه، «قائد» الفريق، فإن إطاحته أصبحت متاحة عبر خدمة جديدة أطلقتها الشركة يُطلق عليها اسم «استبعاد المسؤول»؛ حيث تسمح لمشرفي المجموعة بإقالة المسؤولين الآخرين في المجموعة، والتحكم في المحادثات.
هذه الخدمة أفقدت مدير «الجروب» السيطرة على «مملكته» وحولته من قائد إلى مشارك عادي في مجموعة الدردشة.
«واتس أب» الشهير الذي يستخدمه مئات الملايين يومياً، أصبح الآن البرنامج الأول في المراسلات الفورية بين كثير من دول العالم - يوجد ما هو بحجمه في الصين ومناطقها - وضمن «الجروبات» الكبيرة، هل يعرف كل منا الآخرين، أم أننا أفراد في «مملكة وهمية».
بالتأكيد حجم المعلومات التي تتدفق يومياً عبر «واتس أب» أكبر بكثير من أي قناة أخرى، وهي بلا شك، وإن كانت قنوات للتسلية والتواصل اليوم، ستصبح سيفاً مصلتاً على رقبة كل من «نزل البرنامج»، خاصة مع وجود خاصيات وبرامج يمكن عبرها إعادة المحادثات والصور، التي هي بالتأكيد موجودة لدى مزود الخدمة.
قنوات التراسل والتواصل ستحول عالمنا بلا شك إلى عالم «ويكيليكس» عما قريب.
قد يكون التريّث في إبداء قول ما، أو العدّ إلى المئة وليس العشرة، أمرين في غاية الأهمية، فالمسؤولية الأخلاقية كبيرة جداً، قبل المسؤولية القانونية. وسائل التواصل ليست «مزاحاً»؛ إنها قول وموقف والتزام.
jamal@daralkhaleej.ae