نحن نعيش في عالم قال فيه بنجامين فرانكلين (أحد مؤسسي الولايات المتحدة والعالم والمخترع) عام 1789 : «لا شيء مؤكداً سوى الموت والضرائب».
هذا القول يبقى صحيحاً اليوم ، حيث الضرائب تمول صنع وسائل الموت والدمار في عالم لا يزال يصنع ويطور أسلحة نووية.
والأسلحة النووية أصبحت الآن غير شرعية ومحرمة بموجب معاهدة تحريم الأسلحة النووية التي أقرتها الأمم المتحدة في 7 يوليو/ تموز 2017 ، والتي تحرم أسلحة الدمار الشامل الأكثر خطورة ، تماماً مثل معاهدات تحريم كل أسلحة الدمار الأخرى ، بما فيها الأسلحة البيولوجية (الجرثومية) والكيماوية ، والألغام الأرضية والقنابل الانشطارية. وعندما يصل عدد الدول التي توقع المعاهدة إلى 50 دولة ، يسري مفعولها بعد 90 يوماً بحيث تصبح الدول التي تصنع أسلحة نووية خارجة عن القانون.
ولكن للأسف، الولايات المتحدة تتصدر مجموعة هذه الدول الخارجة عن القانون، وهي بذلك تدفع جميع الدول النووية الأخرى إلى أن تحذو حذوها.
ومع أن أكثرية دول العالم صوتت لإقرار معاهدة تحريم الأسلحة النووية ، إلا أن الوضع الدولي الخطر دفع «نشرة علماء الذرة» (مجلة أكاديمية دولية متخصصة في الأمن العالمي) إلى تقديم عقارب «ساعة يوم القيامة» دقيقة واحدة، ليصبح توقيتها دقيقتين فقط قبل «منتصف الليل» (أي قبل حرب نووية تفني البشرية).
وعلى أساس هذه الوقائع ، تبنى مجلس بلدية بلدة أوجاي الصغيرة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بالإجماع، «قرار إعلان المنطقة خالية من الأسلحة النووية» (البلدة ومحيطها)، وهو قرار يؤيد معاهدة الحظر النووي ويدعو العالم إلى سحب الاستثمارات وعدم الاستثمار في المؤسسات والشركات التي تساهم في تمويل، وصنع، وتطوير، وتخزين، واختبار أسلحة نووية. غير أن الولايات المتحدة تبدو متجاهلة لهذه الآمال والرغبات، حيث تواصل تطوير أسلحة نووية جديدة، ما يدفع إلى سباق تسلح نووي عالمي.
وفي العام الحالي، خصصت الولايات المتحدة 62،7 مليار دولار لتطوير وصيانة ترسانتها النووية. واستمرار تمويل هذه الترسانة يحرم الجيل الحالي، وأجيال المستقبل من الأمريكيين من موارد ثمينة يحتاجون إليها من أجل معالجة مشاكل كبيرة متنوعة. ومن أفقر مقاطعة في الولايات المتحدة - وهي مقاطعة بوفالو في ولاية داكوتا الجنوبية، التي يسكنها 2000 نسمة، ويبلغ متوسط الدخل الفردي السنوي فيها 10،763 ألف دولار- الى أغنى ولاية أمريكية - وهي كاليفورنيا التي تساهم ضرائبها بأكثر من 8 مليارات دولار في تمويل الترسانة النووية - يساء استخدام أموال هائلة بصورة مفجعة بدلاً من تخصيصها لتمويل برامج اجتماعية واقتصادية تفيد ملايين الناس .
وهذا يعني أن كل دولار ينفق على التسلح النووي هو دولار يؤخذ من أطفال الولايات المتحدة، ومن برامج مخصصة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين الأمريكيين .
واليوم، يجدر بزعمائنا الذين يبددون هذه الثروات الثمينة أن يعملوا وفقاً للكلمة الشهيرة التي قالها (الرئيس الأسبق الراحل) رونالد ريجان، وهي: «الحرب النووية لا يمكن الانتصار فيها، ويجب ألا تقع أبداً». ولكن يبدو أن القيادات الأمريكية المتعاقبة منذ ذلك الحين وحتى اليوم، لا تمتلك الشجاعة والحكمة لكي تعمل بموجب هذا القول الحكيم.
والبشرية تعيش كل لحظة من كل يوم تحت تهديد فناء نووي يمكن أن يحدث، إما عن قصد، وإما عن سوء حسابات، وإما بصورة عرضية. وليس هذا بالمستقبل الذي تستحقه البشرية.
وفي النهاية، يجدر بشعب الولايات المتحدة أن يحذو حذو بلدة أوجاي، ويطالب قادته بالعمل وفق مسؤوليتهم الملزمة قانونياً بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي (الذي مضت عليه الآن 48 سنة)، والعمل بحسن نية من أجل إزالة وتحريم الأسلحة النووية كافة.
ولحسن الحظ، هناك الآن حركة شعبية عبر الولايات المتحدة ترفع الصوت ضد الأسلحة النووية، وتطالب باتخاذ إجراءات فعلية لإبعادنا وبقية البشرية عن شفير حرب نووية. لقد آن الأوان للمطالبة بإزالة هذا التهديد النووي الذي يعرض للخطر أطفالنا والعالم كله.
* ناشط سلمي أمريكي عضو في مجلس إدارة المنظمة السلمية «مؤسسة السلام في العصر النووي « - موقع « كاونتر بانش»