في مواقع العمل المختلفة، وفي إدارة المؤسسات التطوعية، نصادف صنفين من الأداء، أحدهما يعتمد اعتماداً شبه كلي على أداء الفرد، القائد أو الرئيس، والصنف الثاني يعتمد على الأداء الجماعي، أو ما يعرف بروح الفريق.
في الحال الأولى نجد القائد الذي تتركز في يديه السلطات والمهام، لا يطيق أن يشاركه أحد فيها، مع معرفتنا بأن طاقة الإنسان، مهما عظمت، تظل عاجزة عن القيام بكل شيء في الآن ذاته، ونحن دائماً بحاجة لمن نتقاسم معه أداء المهام. أما الصنف الثاني فهو ذاك الذي يدار بروح الفريق، وهناك قاعدة مستقرة فحواها أن القائد الناجح هو الذي يحسن اختيار الفريق الذي سيقوده، مراعياً تنوع مهارات واختصاصات أعضاء هذا الفريق، ليغطي كل واحد منهم جانباً من المهام المنوطة بالفريق كاملاً.
لكن هذا التقسيم الثنائي بين صنفين لم يعد كافياً لتوضيح الفرق.
عبارة منسوبة إلى أرسطو، العقل الفلسفي الأهم في أثينا القديمة، تقول: «الكل أعظم من مجموع الأجزاء»، والقصد أن جمع مجموعة عناصر يعطي حصيلة أكبر من كامل تلك العناصر. شيء مشابه يمكن أن يقال عن الوحدة، فهي ليست مجرد تجميع لجهود أفراد أو مجموعات، بل تنتج عنها، بعد أن تقوم، قوة مضافة.
من وحي هذه العبارة أجرت شركة «جوجل» دراسة لمعرفة العوامل التي تجعل كل فريق من الفرق العاملة ضمنها ناجحاً، وذا كفاءة عالية، أطلقت عليها «مشروع أرسطو»، وفي الحصيلة اكتشف الباحثون أن النجاح لا يعود، إلى توفر روح الفريق فحسب، وإنما يلزم ذلك عناصر إضافية.
بعض هذه العناصر قد لا يكون جديداً، ولكنه مهم إذا ما نظر إليه ضمن حزمة العناصر المتكاملة، كضرورة أن يكون هناك موعد محدد لإنجاز المهام، يجب الحرص على التقيد به، ووضوح المهام الموكولة أمام أعضاء الفريق، أي أن يعرف كل واحد منهم مهمته بالضبط، وكذلك علاقتها ببقية مهام زملائه في الفريق.. إلخ.
لكن هناك عناصر بحاجة لتسليط ضوء أكبر عليها، بينها ضرورة شعور كل فرد في الفريق بما وصفته دراسة «جوجل» بالأمان النفسي، ما يوفر له حرية الاجتهاد، وطرح الأفكار المغايرة، من دون أن يخشى غضب رئيسه، أو زملائه، ويطمئن إلى أنه لن «يعاقب» في حال اتضح أن فكرته «الجديدة» لم تكن موفقة، أو أنها لم تعط ما توخاه هو منها من نتائج، فإن لم يتوفر هذا الشعور بالأمان، فإن أحداً لن يغامر في التفكير بشكل مختلف.
عنصر آخر شديد الأهمية، هو الذي قد يوضح لنا الفرق بين الفريق و«الكومبارس»، ففي الفريق يشعر كل واحد بأنه عنصر مهم، وأن عمله يعطي نتائج ملموسة، فيما الأمر يختلف في حال «الكومبارس» الذي لا يكون فيه أفراد الفريق سوى «براغي» غير مرئية في ترس الرئيس.
madanbahrain@gmail.com