نظّمت مؤسسة «بحر الثقافة» خلال مشاركتها في المعرض جلستين فكريتين، جاءت الأولى تحت عنوان «اقرأ وارتقِ»، قدّمها مستشار العلاقات الأسرية خليفة المحرزي الذي أكد أن عادة القراءة والمطالعة هي نتاج غرس مبكر لدى الأطفال، وأن الطفل الذي ينشأ على رؤية والديه يمارسان القراءة بانتظام فإنه من المرجح أن يكبر وهو محب للقراءة ممارس لها.
أما الجلسة الثانية فجاءت تحت عنوان «كاتب قارئ ناقد: أين الطرف الغائب»، شارك فيها النقاد الدكتور خيري دومة، والكاتبة والصحفية منال عبد الأحد، حيث تناولا دور النقد الأدبي في بناء المشهد الثقافي في الوطن العربي.
وقال دومة: «لقد أصبح النقد مختلفاً اليوم مع وجود المدونات وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى التي يستخدمها أفراد غير متخصصين وغير مؤهلين أكاديمياً لأداء مهمة الناقد، مما أدى إلى نقص الأساس العلمي للنقد المطروح في الساحة الأدبية. وقلَّ اليوم تأثير النقد في استكشاف المواهب أو التوجهات الأدبية الجديدة».
وفي حديثه عن دور النقد في الوطن العربي، قال: «إن النقد الحقيقي والبنّاء غائب اليوم، وهو في نفس الوقت حاضر أكثر مما ينبغي لكن النوع السائد ليس ذا أثر حقيقي في مسيرة الأدب العربي، لأنه يفتقر للتأسيس الأكاديمي الضروري»، وأضاف: «تتجلى مسؤولية الناقد في المتابعة المستمرة للأدب وللإصدارات الجديدة، والتمكن من أدوات النقد بشكل واسع، والقدرة على وضع اليد على خريطة الأدب والتاريخ الأدبي، والقدرة على التقييم والتوجيه، هذه خصال أرجو أن نراها في الناقد العربي من أجل تطور المسيرة الأدبية».
منال عبد الأحد أكدت أن النقد الأدبي يتأرجح بين المديح أو الانتقاد المشبع، وكلاهما غير حيادي، ولفتت إلى أن هناك نمطاً جديداً من النقد اليوم، هو المقالة التي تستخدم الجمل التسويقية والترويجية والدعوة لقراءة نص معين من دون سبب واضح، وهي ذات خلفية دعائية.
وأشارت إلى جنوح بعض الأدباء والكتّاب لإخراج مادة أو سلع ثقافية تنسجم ومدارس نقدية معينة، حيث يقولبون أعمالهم وفق مزاج فئة معينة من النقاد، بغرض إرضاء البعض على حساب الجودة الأدبية، كما يلاحظ وضوح العلاقات الشخصية بين النقاد والكتّاب مما يستدعي التغافل عن المعطيات العلمية الصرفة عند تقييم المنجز الأدبي.
وشددت عبد الأحد على بروز «لوبيات» أو الدوائر الأدبية المغلقة التي تضغط على أي ناقد يود اتخاذ مسار نقدي جديد، أو يقوم بتحديث أدوات النقد التقليدية، ولذلك أصبح تأثير هذه اللوبيات الثقافية يتحكم في المنتج الإبداعي وجودته واتجاهه، ولكن تبقى الدعامة الصلبة للثقافة في العالم كله هو نوعية القراء النادرة التي تدرك الفرق بين السلعة الثقافية والمنجز الإبداعي.
وأكدت أهمية تعزيز تواجد هذه الفئة الواعية من القراء في مجتمعنا من خلال إيجاد أفضل السبل لتأسيس الأجيال فكرياً وأدبياً ونظرياً، لكونهم سيمثلون ضمانة للحفاظ على جودة الإبداع والأدب.
أبوظبي: «الخليج»