هل سألت ابنك (أو ابنتك) يوماً كيف يختار صديقه أو صاحبه، ووفق أي معيار يتم هذا الاختيار، أم أنه يترك أموره تمشي على هوى الصدفة، والآخرون يختارون له ويختارونه ليشاركوه الطريق؟
في سن المراهقة تتغير نظرة الطفل للحياة ولذاته، فيدخل مرحلة من التخبط وحب إثبات الشخصية والتميز.. يرى المراهق نفسه ناضجاً بما فيه الكفاية، سيد قراراته، يعرف تماماً ما يريد، ويتقبل بصعوبة شديدة أي ملاحظة تأتيه من الأهل، بينما كلام الأصحاب والأصدقاء «مقدّس» ومحل ثقة، لأنهم «يفهمونه» ويشاركونه نفس الأحاسيس، بينما الأهل يعيشون في عالم آخر، غريب عن عالم الأبناء.
هكذا يرى المراهق الصورة بعينين تظلهما غشاوة وضباب يغلف أجواء المراهقين عموماً بحكم المرحلة العمرية الحساسة والمتغيرات الطبيعية التي تحدث لهم. ومهما حاولت أن تتقرب منهم، فإن تأثير الأصحاب يكون أقوى، لذا عليك ألا تيأس، وألا تعتبرها مسألة «شخصية» وأزمة بينك وبين أبنائك لأسباب أنت تجهلها. ومهما كنت قريباً منهم، فعليك أن تقترب أكثر، وتشد وثاق الثقة بينك وبينهم، كي لا يخفوا عنك أسرارهم وتفاجأ يوماً ما بأن «الصاحب» سحب ابنك إلى حيث لا ترغب، أو إلى حدود الخطر وحيث لا ينفع الندم أو العودة إلى الوراء.
في هذا الإطار تستوقفنا بعض المبادرات التي نقرأ عنها داخل الدولة، مثل «الصاحب ساحب» البرنامج التربوي الذي نظمته وزارة تنمية المجتمع في مركز فتيات رأس الخيمة، والممتد إلى كافة إمارات الدولة، ويستهدف المراهقين من 15 إلى 17 عاماً، المنتسبين إلى الأندية الرياضية، ومراكز الشباب التابعة لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة.
أهمية المبادرة في كونها تعرّف المراهقين وهم في هذه المرحلة العمرية الحساسة، كيفية اختيار أصدقائهم وأصحابهم، لأنهم بلا شك سيتركون أثراً فيهم، وليكن أثراً طيباً لدى الطرفين، بدل أن يكون سلبياً، يقودهما إلى الهاوية لا سمح الله.
اختيار الصاحب الجيد وتجنّب رفيق السوء أمر ليس سهلاً وهو بالغ الأهمية ويقع في فخه أحياناً الكبار، فكيف يجيده الصغار؟ بالتوعية الصحيحة من أكثر من جهة، تدعم الأهالي في هذه المهمة، وتكون سنداً يمكن الوثوق به والاعتماد عليه. لذا، من الضروري تعميم المبادرة لتشمل أكبر عدد من المراهقين وعدم حصرها بالمنتسبين إلى الأندية الرياضية ومراكز الشباب، لتنتشر الفائدة ويدرك كل الأبناء كيفية اختيار الصديق صاحب المبادئ والأخلاق، والصادق والأمين القادر على «سحب» أصدقائه صعوداً فيرتقوا جميعاً إلى الأفضل، والابتعاد عمن يسحبهم نحو الهاوية.
marlynsalloum@gmail.com