نجح المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة على أسس ثابتة وراسخة من التسامح والتعايش بين البشر على اختلاف جنسياتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم الدينية وانتماءاتهم العرقية، مؤمناً أن الحوار بين الشعوب والتقارب فيما بينها يؤدي إلى تعايشها سلمياً، ونبذ العداء والصراع، ورفض الفكر المتطرف والتكفيري، والذي لا يتيح مجالاً للعيش إلا لمن يؤمن به فقط، أما الآخرون فإلى الجحيم، ولا سيادة إلا لهم مهما استخدموا من قوة مفرطة وغاشمة في سبيل تحقيق أهدافهم.
وجاء إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، قانون مكافحة التمييز والكراهية، ليؤكد مجدداً القاعدة الأساسية الفكرية التي تستمد منها الدولة قوتها في مواجهة قوى الشر والظلام، بمحافظتها على رفض وتجريم كل أشكال ازدراء الأديان والمقدسات، وخطابات الكراهية والتكفير، على أسس دينية وعقائدية ومذهبية وطائفية وعرقية، وأن لا سبيل أمام الجميع سوى الحوار وتقبل الآخر لحل المشكلات مهما كانت.
وعلى هذه الخلفية الحضارية، الواعية، يمكن تقييم الأفكار والدعوات التي خرجت بها الجلسات الحوارية التي عقدت على هامش مؤتمر الإمارات الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر 2018، والذي استضافته أبوظبي ونظمته وزارة الداخلية مؤخراً، تحت عنوان «التسامح والوسطية والحوار في مواجهة التطرف» وشارك فيه خبراء وأكاديميون أثروه بأبحاثهم وأفكارهم ومقترحاتهم.
لعل الجميع بات على يقين واقتناع، أن الحرب على التطرف والإرهاب ليست عسكرية فقط، لأنه يمس جانباً فقط من المعركة الحقيقية الواسعة، فالتطرف يبحث عن تربة مناسبة لينمو فيها داخل المجتمعات، وليس هناك تربة أكثر صلاحية وغنى وملاءمة لينمو الإرهاب ويترعرع وينفث سمومه شرقاً وغرباً، من بيئة الفقر والجهل والمرض، العوزة والاحتياج، حيث يكون المرء ضعيفاً، سهل الاستسلام أمام المغريات، خاصة إذا ارتبطت باحتياجاته الأساسية.
وبطالة الشباب من أخطر المشاكل الاجتماعية التي يمكن أن يمر بها أي مجتمع خلال مسيرته التنموية، وهذه الحقيقة يفهمها أباطرة الفكر التكفيري جيداً ويحسنون استغلالها، لذلك يجب شحذ كل الطاقات والإمكانيات ليبقى شبابنا الوطني والعربي بمنأى عن التأثير عليهم من قبل الجماعات الإرهابية، بتأمين الظروف المعيشية المناسبة، وتوعيتهم، وتحصينهم ضد الأخطار التي تحيط بهم.
خطابنا الديني والإعلامي العربي يجب أن يكون أكثر وعياً، ومتجدداً، وقادراً على إيصال الحقيقة لمن يستحقها بفضح مخططات وأهداف ونوايا الإرهابيين.
ebnaldeera@gmail.com