أبدى الدكتور عبد الرحمن الحميدي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، تفاؤلا في أداء الاقتصاد العربي وخاصة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الحالي، وقال إن سياسة التنويع الاقتصادي التي انتهجتها دول المنطقة، وإعادة هيكلة الأوضاع والمؤسسات، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، وانتهاج سياسات مالية رشيدة وتنويع الموارد المالية للحكومات مع تطوير هذه الموارد بتطبيق سياسة ضريبتي «المضافة» و«الانتقائية» في دول التعاون وارتفاع أسعار النفط، من شأن ذلك أن يعزز النمو الاقتصادي، وأن تنتقل موازنات بعض دول المنطقة من مرحلة العجز إلى مرحلة الفائض.
قال إن تقرير آفاق الاقتصاد العربي الذي أصدره الصندوق هذا العام أبرز آفاق النمو والتطور في الاقتصادات العربية. ووفقا للتقرير فإن الموازنة العامة للإمارات على مستوى الدولة ستنتقل من مرحلة العجز بنسبة -0.97% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017 إلى مرحة الفائض بنسبة 2.8% من الناتج المحلي لعام 2018، فيما التقديرات تشير إلى أن الاقتصاد في الإمارات سينمو بنسبة 2.5% العام الحالي مقابل 1.5% عام 2017. وقد جاء حديث الدكتور عبدالرحمن الحميدي في تصريحات صحفية على هامش المؤتمر الإعلامي الذي عقد بمقر الصندوق في أبوظبي يوم أمس بمناسبة اليوم العربي للشمول المالي.
ودعا مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى تمكين وصول الشباب ورجال الأعمال إلى الخدمات المالية. وأكد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي في كلمة له في المؤتمر العلاقة الوثيقة بين الشمول المالي والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. كما أشار إلى أثر الشمول المالي على الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام بمحدودي الدخل، وبفئات محددة من المجتمع مثل المرأة والشباب، إلى جانب التركيز على وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر للخدمات المالية ودمجها بالقطاع المالي الرسمي. وقال «الحميدي» إن كافة أجهزة الصراف الآلي التابعة للبنوك في الإمارات وضع عليها شعار اليوم العربي للشمول المالي لهذا العام ضمن خطة البنك المركزي للاحتفال باليوم العربي للشمول المالي.
الوصول للخدمات
وقال الحميدي إن الإحصاءات الأخيرة تعكس الجهود التي بذلتها الدول العربية في تعزيز الوصول للخدمات المالية في الدول العربية، إذ تشير إلى أن نسبة السكان البالغين في الدول العربية الذين لا تتوافر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، قد انخفضت في المتوسط من نحو 71 في المئة في عام 2014 إلى نحو 63 في المئة في عام 2017، ومن نحو 78 في المئة إلى 74 في المئة على صعيد النساء، ومن 84 في المئة إلى 72 في المئة على صعيد الفئات محدودة الدخل، ذلك للفترة نفسها. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تخفي تفاوتا في هذا الشأن بين الدول العربية، إلا أنها لا تزال تبرز الفرص الكبيرة الكامنة - خاصة للمؤسسات المالية والمصرفية الخاصة - التي يمكن استغلالها لتعزيز الوصول للخدمات المالية في المجتمعات العربية.
دور المصارف المركزية
وأكد مجلس محافظي المصارف المركزية العربية في بيان له دور المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والهيئات الرقابية على القطاع المالي في الدول العربية في تعزيز الشمول المالي من خلال وضع القوانين والتشريعات التي تهدف إلى تعزيز نشر الخدمات المالية والمصرفية، وتطوير نظم الدفع والاستعلام الائتماني، وتحديد الفجوات والمعوقات في جانبي العرض والطلب واتخاذ الإجراءات والسياسات الكفيلة بمعالجتها وتحفيز القطاع الخاص والمؤسسات المالية والمصرفية والأطراف ذات العلاقة لممارسة دورها في نشر الوعي والثقافة المالية، لتمكين وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية.
كذلك يؤكد المجلس، لغاية تحقيق أهداف الاستراتيجيات الوطنية للشمول المالي وإيجاد حلول للقضايا الجوهرية، أهمية متابعة العمل على تطوير بنية تحتية مالية عصرية، واكتمال قاعدة التشريعات والنظم والقوانين ذات العلاقة، وتشجيع وتوفير منتجات وخدمات مالية متطورة تلبي احتياجات الفئات المستهدفة. يؤكد المجلس في هذا السياق،أهمية التحول من تقديم الخدمات المالية بالطرق التقليدية إلى الوسائل والأدوات العصرية والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في تطوير خدمات مالية رقمية وتعزيز انتشارها في الدول العربية. وبهذه المناسبة دعا المجلس كافة الدول الأعضاء إلى إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي، وذلك بتنفيذ الفعاليات والأنشطة التي تعمل على تعزيز وتوضيح رؤية الشمول المالي وأهدافه، متمنياً كل التوفيق والنجاح لفعاليات وأنشطة اليوم العربي للشمول المالي وتحقيق الأهداف المرجوة منها على صعيد تمكين قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة.
الشمول المالي والخدمات المالية الرقمية
عرض صندوق النقد العربي الإعلان عن دراسة متعلقة بالخدمات المالية الرقمية في الدول العربية بمناسبة الشمول المالي العربي أمس. وقد تم إعداد هذه الدراسة لدعم جهود صانعي السياسات في الدول العربية لمعالجة تحديات تعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية من خلال تطوير الخدمات المالية الرقمية وخدمات نظم الدفع لأغراض الشمول المالي، في إطار المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI). استعرضت الدراسة التطور المتسارع في نظم المدفوعات الصغيرة الفورية وظهور مقدمي خدمات جدد، وما يتيحه ذلك من فرص كبيرة لخفض تكلفة المعاملات وتنويع خيارات خدمات الادخار. قدمت الدراسة أيضاً مجموعة من المقترحات لصانعي السياسات، بهدف تعزيز البنية التحتية المالية في الدول العربية بما يتيح الاستفادة من الفرص الكامنة في هذا الشأن. وأكد الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي الفرص الكبيرة المتاحة للاستفادة من التقنيات المالية الحديثة وتطوير الخدمات المالية الرقمية مع تأكيد التوازن بين دعم الشمول المالي المدفوع بالتقنيات المالية الحديثة، والحاجة إلى تعزيز التثقيف والوعي المالي وحماية مستهلكي الخدمات المالية.
وأكدت دراسة لصندوق النقد العربي أهمية دعم وصول المرأة للخدمات المالية، وقالت إن نسبة وصول المرأة العربية للخدمات المالية تصل إلى 26% مقابل متوسط عالمي يصل إلى 65% مقابل 48% للرجال في المنطقة العربية. وتطرقت إلى تحديات وصول المرأة للتمويل التي تتمثل في البنية التحتية المحدودة نسبيا، والأمان المعلوماتي والوعي المالي، والتشريعات والقواعد التنظيمية، والسياسات والأنظمة الحاكمة وغيرها.